جزاء سنمار / بقلم الشاعرة :نعيمه غنيات


منتدى الشعر ديوان العرب
جزاء سنمار 
بقلم الشاعرة :نعيمه غنيات
هذه قصة حقيقية وقعت منذ زمن  في إحدى  القرى و كتبتها في بداية كتاباتي
.........جزاء سنمار ...........
أغريب الديار 
لماذا غدرت بحالي 
فكيف بأرضي يكون إنهزامي
غزوت قلبي دون إستئذان
و أشعلت نار الغدر
 و أحرقت أحلامي 
أطربني بكلام مؤنسا دافئا
و نفث فيه سما مكنونا قاتلا
أهداني حلي و لباس فاخرة 
أعدت لي سكاكين و سيوفا ناحرة 
تعلقت بحنانه الفائض الزائف 
و أسدل الغمام على بصيرتي
 و إستحوذ
و لما تيقن إني فريسة بين شباكه 
طلب مني أن نرتحل إلى قومه   
دون وعي مني
 فأين النهى الراشدة
جرفني تياره دون أن ارتاب 
الى الكهوف المحاطة بالهوام مقري 
و مع الجواري مقامي
 أخدمه نادلة 
سنة عانيت النكد
 و الكد و التعب
و كالحمل الشارد في مخالب السرحان
 أتخبط
و لما ثأر لنفسه و تناهت مهمتي 
طردني بأفظع سبل المكر
 و رحلت
أسير متثاقلة الخطى
 و الشجن يقيدني 
أجر ذيل الخطيئة 
و الهوان لأهلي 
و تقرحت مقلتاي 
من كثرة السهر 
و أعلم أن والدي
 لن يغفر ذنبي
و لما حان موعدي
 قوبلت بقذائف الشتم 
و كدت أقتل حينها 
لولا تدخل أخواتي
فلم أرى أقسى ما رأيته
 دموع أبي 
ينبذني بأبشع اللعان 
و يقول طعنتني
تمنيت وقتها أنه 
حضر أجلي 
و فارقت جسدي
 محملة إلى رمسي  
جلست على ركبتي
 منحية الرأس 
و قلت يا أبت إني
 أطمع بقليل من الصفح
فأغمض عينيه و أشار بيديه
ففهمت الجواب
 أنه يقول لي أصمتي
و جروني من شعري
 إلى ساحة الجلد 
و إذ بقوة الضربة
 تمزق جلدي
و كان جلادي أخي الأكبر
 يريد قتلي
فتعال صوت أبي
 و قال يكفي
ففرحت و ضننت 
أنه حان وقت العفو و الصفح 
لكن هيهات هيهات
 لم يحن قلب أبي 
و وضعوني في مرآب
 سقفه من سعف 
يسوده سوادا دامسا به انفرد 
مع الجرذان اتخذت فيه مضجعي
جزاءا على خطيئتي
 و عبرة لأخواتي
رهينة بين جدران العوسج أتعذب 
ألوم نفسي و أندب نصيبي
و الجاني طليق في المدن يتفسح 
و الضحية معتقلة تتجرع المآسي 
عرفت حينئذ أن الحب
 يحيا مع من ألفوه بصدق
 يعيش في صمت
 بين دفائن الأفئدة 
و ليس بكلام بالأفواه يتردد
أو سلع و تحف
 في المعارض يعرض
و ما لنسمات الفجر 
لا تهب حولي و تنعش 
و ما لضوء النهار
 لا يزور مرآبي و ينصع 
أيها الدهر ترفق بي و بأمثالي  
فمن لا يتمالك نفسه يلق بخسا 
طالت غربتي و طال اعتقالي 
فهل من مسمع يحن لحالي
أختلس النظرات
 بين ثقوب مرآبي 
فأره داكن الوجه شارد الذهن
منحنى الظهر منكس الرأس
تترامي قدميه من شدة الوهن 
يتأوه بآه و آهات
 و تنهيدات لا تنتهي
حكمت عليه أن لا يعتب باب الدار 
و جعلته وضيعا 
يتوارى من الأهل و الجيران
و كان ذو رفعة و سمعة
 و قدر عال 
و أصبح مضغة في أفواه الذين 
يتقنون لغة القيل و القال 
كويته بنار ذنبي
 و ألبسته لباس العار
و قتله دون إشعار
فمات بغصة و لم يقبل اعتذاري
فاكتويت بحرقة فراقه
 و رحيله دون إنذاري
آه ثم آه قتله دون إشعار 
فجزاء أبي مثل جزاء سنمار 
         نعيمة غنيات ـ الجزائر ـ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حين مررت /بقلم المهندسة :هند كولين

ماذا أقول/بقلم الشاعره: لطيفه الزجاري

أريد أن ينزل الغيث/بقلم الشاعرة :غزلان البوادي حمدي